الأزمة الروسية الأوكرانية تدخل فى مرحلةالخطر
أعلن فلاديمير بوتين، الرئيس الروسى في خطاب، فجر اليوم الخميس، بتوقيت القاهرة، بدء عملية عسكرية واسعة في إقليم دونباس بأوكرانيا.
فلاديمير بوتين «يقتحم أوروبا» في أكبر عملية عسكرية
بدأت القوات الروسية عملية عسكرية شاملة، حسب ما أعلن الرئيس الأوكراني صباح اليوم الخميس، بتوقيت القاهرة، وكانت البداية بسماع دوى انفجارات ضخمة في مدينة خاركيف الأوكرانية.
وأشارت التقارير أن قوات روسية تتجه لدخول أوكرانيا من جهة شبه جزيرة القرم.
وأفاد مراسل «بي بي سي» في كييف بسماع أصوات 5 إلى 6 «انفجارات بعيدة».
وتوتر الموقف على الحدود الأوكرانية منذ أسابيع،وبدأت الأزمة تزداد سوء.
نفى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرارا اعتزامه غزو أوكرانيا، لكن الولايات المتحدة أكدت أنه اتخذ قرار الغزو منذ فترة.
بداية الأزمة الروسيه مع أوكرانيا
التوترات بين روسيا وأوكرانيا حاليا لها تاريخ يعود إلى العصور الوسطى، البلدين لديهما جذور في الدولة السلافية الشرقية المسماة «كييف روس»، لذلك، دائما يتحدث الرئيس الروسي بوتين عن «شعب واحد».
طبقا للتاريخ، كان مسار الأمتين عبر التاريخ مختلفاً، ونشأت عنه لغات وثقافات مختلفه رغم قرابهم.
و تطورت روسيا سياسياً إلى ان اصبحت إمبراطورية، لم تنجح أوكرانيا في بناء دولتها، حسب موقع «دوتشه فيلا».
في القرن 17 أصبحت مساحة شاسعة من أوكرانيا الحالية جزءاً من الإمبراطورية الروسية، لكن وبعد سقوط الإمبراطورية الروسية عام 1917، استقلت أوكرانيا لفترة وجيزة، قبل أن تقوم روسيا السوفيتية باحتلالها عسكرياً من جديد.
روسيا تعطى الحرية لأوكرانيا.
الضربات الأولى لروسيا في أوكرانيا
في ديسمبر عام 1991، كانت أوكرانيا، بالإضافة إلى بيلاروسيا، من بين الجمهوريات التي دقت المسمار الأخير في نعش الاتحاد السوفييتي، لكن موسكو أرادت الاحتفاظ بنفوذها، عن طريق تأسيس رابطة الدول المستقلة «جي يو إس».
كان الكرملين يظن وقتها أن بإمكانه السيطرة على أوكرانيا من خلال شحنات الغاز الرخيص، لكن ذلك لم يحدث، تمكنت روسيا من بناء تحالف مع بيلاروسيا، كانت عيون أوكرانيا مسلطة دائماً على الغرب.
أوكرانيا تزعج الكرملين بميلها للغرب، ولكن الصراع لم يصل إلى ذروته طوال فترة التسعينيات، حينها كانت موسكو هادئة، لأن الغرب لم يكن يسعى لدمج أوكرانيا، كما أن الاقتصاد الروسي كانت يعاني، والبلاد كانت مشغولة بالحرب في الشيشان، نفلا عن «بي بي سي».
في عام 1997 اعترفت موسكو رسمياً من خلال ما يسمى بـ«العقد الكبير» بحدود أوكرانيا، بما فيها شبه جزيرة القرم، التي تقطنها غالبية ناطقة بالروسية.
عندما انهار الاتحاد السوفييتي فى مطلع التسعينيات، كانت أوكرانيا، الجمهورية السوفيتية السابقة، تمتلك ثالث أكبر ترسانة أسلحة نووية في العالم.
عملت الولايات المتحدة وروسيا على نزع الأسلحة النووية الأوكرانية، وتخلّت كييف عن مئات الرؤوس النووية إلى روسيا، مقابل ضمانات أمنية لحمايتها من هجوم روسي محتمل.
موسكو وكييف تشهد أول أزمة دبلوماسية كبيرة بينهما في عهد فلاديمير بوتين، ففي خريف عام 2003 بدأت روسيا بشكل مفاجئ في بناء سد في مضيق كريتش باتجاه جزيرة «كوسا توسلا» الأوكرانية.
الضربات الأولى لروسيا في أوكرانيا
كييف تعتبر ذلك محاولة لإعادة رسيم حدود جديدة بين البلدين، وازدادت حدة الصراع، ولم يتم وضع حد له إلا بعد لقاء ثنائي بين الرئيسين الروسي والأوكراني. عقب ذلك أوقف بناء السد، لكن الصداقة المعلنة بين البلدين بدأت تظهر تشققات.
أثناء الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا عام 2004، دعمت روسيا بشكل كبير المرشح المقرب منها، فيكتور يانوكوفيتش، إلا أن «الثورة البرتقالية» حالت دون فوزه المبني على التزوير، وفاز بدلاً منه السياسي القريب من الغرب، فيكتور يوشتشينكو.
وخلال فترته الرئاسية قطعت روسيا إمدادات الغاز عن أوكرانيا مرتين، في عامي 2006 و2009، كما قُطعت أيضاً إمدادات الغاز إلى أوروبا المارة عبر أوكرانيا.
في عام 2008، حاول الرئيس الأمريكي آنذاك، جورج دبليو بوش، إدماج أوكرانيا وجورجيا في حلف شمال الأطلسي «ناتو»، وقبول عضويتهما من خلال برنامج تحضيري، قبل ذلك باحتجاج بوتين، وموسكو أعلنت بشكل واضح أنها لن تقبل الاستقلال التام لأوكرانيا، حسب «سكاي نيوز».
فرنسا وألمانيا تحول دون تنفيذ بوش لخطته، وخلال قمة «الناتو» في بوخارست تم طرح مسألة عضوية أوكرانيا وجورجيا، ولكن لم يتم تحديد موعد لذلك.
مسألة الانضمام للناتو لم تنجح بسرعة، حاولت أوكرانيا الارتباط بالغرب من خلال اتفاقية تعاون مع الاتحاد الأوروبي.
في صيف عام 2013، بعد أشهر قليلة من توقيع الاتفاقية، مارست موسكو الضغوطاً الاقتصادية على كييف وضيّقت على الواردات إلى أوكرانيا، وعلى خلفية ذلك، جمّدت حكومة الرئيس الأسبق يانوكوفيتش، الذي فاز بالانتخابات عام 2010، الاتفاقية، وانطلقت بسبب ذلك احتجاجات معارضة للقرار، أدت لفراره إلى روسيا في فبراير عام 2014.
استغلت موسكو فراغ السلطة في كييف لضم القرم في مارس عام 2014، وكانت علامة فارقة وبداية لحرب غير معلنة، في الوقت نفسه، بدأت قوات روسية شبه عسكرية في حشد منطقة الدونباس الغنية بالفحم شرقي أوكرانيا من أجل انتفاضة، كما أعلنت جمهوريتان شعبيتان في دونيتسك ولوهانسك، يترأسهما روس.
الحكومة في كييف، قد انتظرت حتى انتهاء الانتخابات الرئاسية في مايو 2014، لتطلق عملية عسكرية كبرى بأسم «حرب على الإرهاب».
في يونيو 2014 أيضا، التقى الرئيس الأوكراني المنتخب للتو، بيترو بوروشينكو، وبوتين لأول مرة بوساطة ألمانية وفرنسية، على هامش الاحتفال بمرور 70 عاماً على يوم الإنزال على شواطئ نورماندي، خلال ذلك الاجتماع وُلدت ما تسمى بـ«صيغة نورماندي»، نقللا عن «بي بي سي».
وقتها كان بإمكان الجيش الأوكراني دحر الانفصاليين، إلا أنه في نهاية أغسطس، تدخلت روسيا- بحسب الرواية الأوكرانية- بشكل هائل عسكرياً، لكن موسكو تنكر ذلك حتى الآن.
الفرق العسكرية الأوكرانية قرب إيلوفايسك، هى بلدة تقع شرق دونيتسك، تعرضت للهزيمة، وكانت لحظة محورية، لكن الحرب على جبهة موسعة انتهت في سبتمبر بتوقيع اتفاق بوقف إطلاق النار في مينسك.
حرب بالوكالة في دونباس
بعد الاتفاق، تحول الصراع إلى حرب بالوكالة تدور رحاها حتى اليوم، وفي مطلع عام 2015، شن الانفصاليون هجوماً، زعمت كييف أنه كان مدعوماً بقوات روسية لا تحمل شارات تعريف، وهو ما نفته موسكو.
لحقت بالقوات الأوكرانية هزيمة ثانية جراء الهجوم، وذلك في مدينة ديبالتسيفي الاستراتيجية، والتي اضطر الجيش الأوكراني للتخلي عنها بشكل أشبه بالهروب.
آنذاك- وبرعاية غربية- تم الاتفاق على «مينسك 2»، وهى اتفاقية تشكل إلى اليوم أساس محاولات إحلال السلام، وما تزال بنودها لم تنفذ بالكامل بعد.
خريف عام 2019 كان هناك بصيص أمل، إذ تم إحراز نجاح في سحب جنود من الجهتين المتحاربتين من بعض مناطق المواجهة. لكن منذ قمة النورماندي التي عُقدت في باريس في ديسمبر عام 2019، لم تحصل أي لقاءات، فـ«بوتين» لا يرغب في لقاء شخصي مع الرئيس الأوكراني الحالي، فلودومير زيلينسكي، لأنه- من وجهة نظر موسكو- لا يلتزم باتفاق مينسك.
منذ ديسمبر عام 2021، يطلب الرئيس الروسي بشكل علني من الولايات المتحدة ألا تسمح بانضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو أو تتلقى مساعدات عسكرية، لكن الحلف لم يرضخ لهذه المطالب.
موسكو منزعجة بشدة من فكرة انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي «الناتو»، بل ويمثل ذلك خطاً أحمر بالنسبة للرئيس الروسي بوتين.
يرجع ذلك لأنه وفقاً للفصل الخامس من اتفاقية «الناتو»، فإن أي هجوم يتعرض له عضو في الحلف يعتبر هجوماً على الحلف بأكمله، ما يعني أن أي هجوم عسكري روسي على أوكرانيا يعني وضع موسكو في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، والدول الـ27 الأعضاء في الحلف.
حاول بوتين اختبار الولايات المتحدة والغرب في الأزمة الأوكرانية، الأولى في ربيع 2021، عندما حشد بعض القوات والعتاد العسكري على الحدود، وأدى ذلك إلى انتباه الولايات المتحدة، والتي سعت لإجراء مباحثات بين بوتين وبايدن، وبعد ذلك بأيام سحبت روسيا قواتها.
في الوقت نفسه، فإن نظرة بوتين إلى الولايات المتحدة تغيرت كثيراً، وخاصة بعد الانسحاب العسكري الفوضوي الأمريكي من أفغانستان، والاضطرابات التي تعانيها أمريكا على الصعيد الداخلي، في أعقاب الاستقطاب الذي شهدته بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وهو ما تراه موسكو مؤشرات للضعف الأمريكي.
يرى بوتين الغرب في حالة انقسام شديد بشأن دور الولايات المتحدة في العالم، ولا يزال بايدن يحاول إعادة توحيد التحالف عبر الأطلسي، بعد حالة انعدام الثقة التي تراكمت خلال إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وأدت بعض أخطاء بايدن الدبلوماسية إلى نفور الشركاء الأوروبيين، وتحديداً الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، واتفاق الغواصة النووية الذي طرحه بايدن مع بريطانيا وأستراليا، وكان مفاجأة بالنسبة لفرنسا.
بداية حرب فبراير 2022
في نوفمبر الماضي، بدأت روسيا في نقل أعداد هائلة من قوات جيشها إلى المناطق القريبة من الحدود الأوكرانية.
أصبحت الحرب على المحك بشكل أكبر مع تصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الاثنين الماضي، خلال خطابه، سيعترف باستقلال المنطقتين الأوكرانيتين اللتين يسيطر عليهما انفصاليون مدعومون من روسيا.
قال بوتين أن أوكرانيا ليس لها تاريخ بوصفها بلدا حقيقيا، واتهم السلطات الأوكرانية بالفساد.
بعد هذا التصريح، وقع الرئيس بوتين على أوامر أصدرها لقواته بتنفيذ «مهام حفظ سلام» في كلتا المنطقتين.
في 15 فبراير الجاري، وبعد أن وصل عدد تلك القوات إلى 100 ألف، قال الرئيس بوتين إنه سيكون هناك انسحاب جزئي للقوات الروسية، وأكد متحدث باسم وزارة الدفاع الروسية أن بعض وحدات الجيش «بدأت بالفعل في تحميل معداتها على متن القطارات والعربات، وستبدأ اليوم العودة إلى ثكناتها العسكرية».
في أعقاب الإعلان الروسي، صرح ينس ستولتنبرج، الأمين العام لحلف الناتو
إنهم يقومون باستمرار بتحريك القوات إلى الأمام وإلى الخلف.. لطالما تحركت القوات يمينا ويسارا، إلى الأمام وإلى الخلف وفي كل الاتجاهات، لكن الاتجاه الذي ظل ثابتا خلال الأسابيع والأشهر الماضية هو الزيادة المستمرة في القدرات العسكرية الروسية بالقرب من حدود أوكرانيا. نقلا عن العربية
إرسال تعليق